الاثنين، 10 نوفمبر 2008

آنا ماريا .... السيدة جاكسون ... السيد شاهين

ana maria
آنا ماريا: إمرأة من كولومبيا كانت أفضل من رأيت في المعهد من فتيات فهي ذات نظرة ثاقبة، و قليلة الحديث إذا رأيتها تعتقد بأنها من بلاد الخليج بشكل خاص ملامحها تضاريسها، حضرت مع زوجها و هي لم تتجاوز الثامنة و العشرين وقتها كان حاضرا لدراسة الجراحة فرأت أن تشغل نفسها، لم أخفي إعجابي بها نظرا لحكمتها و نظرتها للحياة بشكل يجعلك تعجب بحديثها.
ذكائها خارق ، بأمانة، لكن استوقفني حديثها بأنها لا ترغب بالعمل رغم أنها تملك شهادة بكالوريوس استغربت لأنني أعتقدت وقتها بأن المرأة هناك ترى استقلاليتها بالعمل و القدرة على إعالة نفسها، لكن ما صدمني اجابتها التي لا زالت عالقة بذهني وستبقى ابد الدهر.
أنقل من على لسانها بشكل تقريبي، فلسفتها كما أرى، حين جاوبت على استغرابي:
أين تبحث عن السعادة، في الحب، الزواج، العمل،السفر، أي شي أخر في الحياة تفضل أن تكون به أومعه، هو بحث أزلي، و العمل ليس السعادة الحقيقة بالنسبة لي لأنني إمرأة أبحث عن سعادة قلبي عن طريق الحب، لذا أفضل أن أفرغ نفسي لهذه السعادة على أن أضيع ساعات يومي بعيدا عن ما أحب، و هنا تتحدث عن زوجها.
(السعادة أينما تجد قلبك)

بهذه الجملة أنهت حديثها، و اعجابي بهذه الشخصية و المرأة كان لحكمتها ليس للسبب أعلاه فقط، فهذا يبقى رأيها الشخصي، لكن لطريقة نظرتها وفلسفتها بالحياة بشكل عام، كنا مقربين من بعض كأصدقاء. حتى غادرت الولايات المتحدة بعد أن عام و نصف من حضورها لأن زوجها حاز على شهادة الجراحة.




...




السيدة جاكسون:




كانت سيدة كبيرة بالسن تدرس حصة المفردات في معهد اللغة، مرحة لدرجة تشك بأنها كبيرة بالسن، لكنها قصة تراجيدية متنقلة، غابت عن المعهد لعدة أيام فأفتقدها الجميع فلما استفسرنا علمنا بأن ابنها قد إنتحر، كانت شيئا محزنا لنا لأننا كطلبة قد أحببنا تعاملها معنا، فكان لا بد من مبادرة من قبلنا لنشاركها أحزانها، فقرر الجميع المشاركة بشراء بوكيه من الورد و رسالة تعزية كبيرة كل يوقع عليها ويكتب كلمات مختصرة.
السيدة جاكسون حضرت لمعهد اللغة بعدها بأسابيع قليلة، و مارست نشاطها بشكل اعتيادي لكن في أحد الأيام كانت بحالة هيستيرية، استغرب الجميع ما بها تبكي و بحرقة، ما سر هذا البكاء؟كانت تبكي بحرقة لأنه قد تم استدعائها لتكون ضمن هيئة محلفين في قضية قتل، فالنظام القضائي هناك يختار هيئة المحلفين بشكل عشوائي من المواطنين الصالحين كما يطلق عليهم، و هم ممن لا يمكلون سجل جنائي أو سجل ائتماني سيء.
السيدة جاكسون كانت تبكي لأنها لا تريد أن تكون في هيئة المحلفين، لأنها ستكون حكما على حياة انسان، و هي لا تريد أن تربط مصير هذا الإنسان بها فربما تخطأ الحكم وترسله حيث لا يستحق، و ربما العكس، فهي غير مستعدة لتحمل تبعات قرارها الذي قد لا يكون منصفا.
تعجبت من موقفها، و تخيلت لو أن هذا الحدث حصل عندنا هل سنرى نفس ردة الفعل، نعم هم بلا إسلام لكن رأيت فيهم من كان يحمل أخلاق الإسلام بكل أمانة.




...




السيد شاهين:




عمل منصرا في أفريقيا لفترة امتد عقدين من الزمان، لكن كما ذكر لم يجد فائدة تذكر، فأنتقل لتعليم اللغة الإنجليزية، و كان أحد عناصر التأزيم المستمرة، ربما بسبب ماضيه و أرآه الجدلية، تم إتهامه من قبل طلبة كثيرين، من كان على حق أو باطل، بأنه يسعى لتنصير الطلبة المسلمين و تم نشر مقالة عن المعهد بسبب الإدعاءات التي تتهمه بمحاولة تنصير بعض الطلبة، لكن الحقيقة المجردة، كان يناقش فقط من يناقشه، و عندما لا تعجب أفكاره الخص المقابل له، يذهب ليشتكي ضده وتم ايقاف السيد شاهين فترة من الزمن كعقوبة بعد تعدد الشكاوي و خوف معهد اللغة من خسارة هذا الكم من الطلبة، و كذلك من عقوبة مجلس التعليم الأكاديمي.لم أتوافق مع السيد شاهين، لكنه كان هادئا محترما، و أعتقد بأن سبب تعدد الشكاوي ضده بسبب أرائه الجدلية التي لم يخشى أن يعلنها لكن شريطة أن تناقشه فلم يكن يبدأ بالحديث الجدلي من تلقاء نفسه، و عرفت لاحقا بأن من شروط المعهد لقبوله في هيئة التدريس أن يبتعد عن مناقشة الديانات، لكن لم يكن الحال كذلك بسبب بعض الطلبة المتحمسين.




..

ليست هناك تعليقات: